رسالة في ما تقرر عنده من الحكومة

اشارة

نام كتاب: رسالة في ما تقرر عنده من الحكومة
نويسنده: ابن سينا
تاريخ وفات مؤلف: 428 ق
موضوع: حكمت مشاء
زبان: عربي
تعداد جلد: 1
ناشر: دار بيبليون
مكان چاپ: بيروت
سال چاپ: 2005
ملاحظات: اين كتاب در ضمن كتاب مبحث عن القوي النفسانية چاپ شده است.

اسئلة ابي سعيد ابي الخير من الشّيخ‌

كتب الشّيخ الكامل و العارف الواصل الشّيخ ابو سعيد بن ابي الخير قدّس سرّه الي شيخ الحكماء و رئيسهم الشّيخ ابي علي بن السّينا رفع مقامه الي الغاية القصوي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سلام اللّه عليك و بركاته يا افضل المتاخّرين مدّ اللّه عمرك و زاد في الخيرات لديك و افاض من حكمه عليك و رزقنا مجاورتك و عصمنا و ايّاك من الخلل و الخطاء و الزّلل انّه واهب العقل و مفيض العدل و له الحمد و الصّلاة و السّلام علي رسوله المصطفي و آله الاتقياء اما بعد فأسأل مولائي و رئيسي جدد اللّه له انواع السّعادة و حقق له نهاية المني و الإرادة عن سبب اجابة الدّعاء و كيفيّة الزّيادة و حقيقتها و تأثيرها في النّفوس و الابدان ليكون تذكرة و راي الشّيخ اعلي و اصوب.
كتب الشّيخ في الجواب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد للّه حمدا يباهي به حمد الحامدين و افضل التّحيات منه علي اكمل البريّة سيّد المرسلين و عترته
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 291
العزّ المنتجبين سألت بلغك اللّه الي السّعادة القصوي و رشحك للعروج الي الذّروة العليا ان اوضح لك عن كيفيّة الزّيادة و حقيقة الدّعاء و تأثيرها في النّفوس و الابدان فاوضحتها بقدر الطّاقة و الخوض في العلوم ليكشف لك هذا السرّ منجز ما فيه الايجاز و التخفيف مستعينا فيه بالله عزّ و جلّ اعلم انّ لهذه المسألة مقدّمات ينبغي لك ان تعرفها حتّي تستفتح بها هذه المطالب و هي معرفته للوجودات الاخذة من المبدأ الاوّل و هو العلّة المسمّاة عند الحكماء بواجب الوجود و اعني بواجب الوجود ان يكون وجوده من ذاته لا من غيره و وجود غيره منه فيكون ما سواه ممكن الوجود و هو الّذي صدر منه جميع الموجودات و هو المنبع لفيضان النّور علي ما سواه مؤثر فيها علي حسب ارادته و مشيّته ثمّ معرفة الجواهر الثّابتة المفارقة
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 292
عن الموادّ و هي الملائكة المقرّبون المسمّاة عند الحكماء بالعقول الفعّالة ثمّ معرفة النّفوس السّماويّة المتّصلة بالموادّ ثمّ الاركان الاربع و امتزاجاتها و ما يحدث فيها من الآثار العلويّة ثمّ المعادن ثمّ النّبات ثمّ الحيوان ثمّ الانسان و هو اشرف الموجودات في هذا العالم بسبب حدوث النّفس النّاطقة فيه و ربما بلغت نهاية في الكمال الي ان يصير مضاهيا للجواهر الثّابتة و فيه كلام طويل لا يحتمل شرحه هذه الرسالة يعود الي الكلام الاوّل و نقول انّ المبدأ الاوّل مؤثر في جميع الموجودات علي الاطلاق و احاطة علمها بها سبب لوجودها حتّي لا يعزب عنه مثقال ذرّة في الارض و لا في السّماء و امّا علي تقسيم نبيّن في هذه المسألة هو ان يؤثّر واجب الوجود في العقول و العقول يؤثّر في النّفوس و النّفوس تؤثّر في الاجرام السّماويّة حتّي يحرّكها دائما علي الحركة الدّوريّة الاختياريّة تشبيها بتلك العقول و اشتياق إليها علي سبيل العشق و الاستكمال ثمّ الاجرام السّماوية
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 293
تؤثّر في هذا العالم الّذي تحت فلك القمر و العقل المختصّ بفلك القمر يفيض النّور علي النّفوس الانسانية ليهتدي به في ظلمات طلب المعقولات مثل افاضة نور الشّمس علي الموجودات الجسمانيّة ليدركها العين و لو لم يكن التّناسب الّذي وجد بين النّفوس السّماوية و الارضية في الجوهريّة و الدّراكيّة و تماثل العالم الكبير بالعالم الصّغير لما يعرف الباري عزّ شأنه و الشّارع ناطق به حيث يقول من عرف نفسه فقد عرف ربّه فقد اتّضح لك نظام سلسلة الموجودات الاخذة من المبدأ الاوّل عزّ و جلّ و تاثير بعضها في بعض و عود الامر الي مؤثر لا يتأثر و هو الواحد الحقّ عزّ و جلّ ثمّ اعلم انّ النّفوس البشريّة يتفاوت بالشرف و العلم و الكمال فانّه ربما ظهرت نفس من النّفوس في هذا العالم نبوته كانت او غيرها و تبلغ في الكمال و العلم و العمل بالفطرة او الاكتساب حتي يصير مضاهيا بالعقل الفعّال و ان كانت دونه في الشّرف و العلم
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 294
و الرّتبة العقليّة لانّه علّة و هي معلولة و العلّة اشرف من المعلول ثم اذا فارقت بدنها نقلت في عالمها سعيدة ابد الآبدين مع اشباهها من العقول و النّفوس مؤثّرة في هذا العالم تاثير العقول السّماوية ثمّ الغرض من الدّعاء و الزّيارة انّ النّفوس الزّائرة المتّصلة بالبدن الغير المفارقة عنها تستمدّ من تلك النّفوس المزورة خيرا او سعادة او دفع شرّ او اذي فينخرط كلّيتها في سلك الاستعداد و الاستعداد لذلك المطلوب فلا بدّ انّ النّفوس المزورة لمشابهتها للعقول و تجوهرها بجواهرها يؤثّر تأثيرا عظيما و تمديدا تاما بحسب استمداد المستمدّ و للاستمداد اسباب شتّي يختلف بحسب اختلاف الاحوال و هي امّا جسمانيّة او نفسانيّة امّا الجسمانيّة فمثل مزاج البدن فانّه اذا كان علي حالة معتدلة في الطّبيعة و الفطرة فانّه يحدث فيه الرّوح الّذي هي في تحاريف الدّماغ و هو آلة للنّفس النّاطقة فحينئذ
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 295
يكون الفكرة و الاستمداد علي احسن ما يمكن ان يكون و لا سيّما اذا انضاف إليه قوّة النّفس و شرفها و أيضا مثل المواضع الّتي يجتمع فيها ابدان الزّوار و المزورين فانّه فيها يكون الاذهان اكثر صفوا و الخواطر اشدّ جمعا و النّفوس احسن استعدادا كزيارة بيت اللّه تعالي و اجتماع العقائد انّه موضع إلهيّ يزدلف به الحضرة الرّبوبيّة و يتقرّب به الي الجهة المقدّمة اللاهوتيّه و فيها حكم عجيب في خلاص النّفوس من العذاب الادني دون العذاب الاكبر و امّا النّفسانيّة فمثل الاعراض عن اتّباع الدّنيا و طيّباتها و الاجتناب عن الشّواغل و العوائق و انصراف الفكر الي قدس الجبروت و الاستدامة بشروق نور اللّه عزّ و جلّ في السر لانكشاف الغم المتّصلة بالنّفس النّاطقة فهدانا و ايّاك الي تخليص النّفس من شوائب هذا المعرض المزاول انّه لما يريد خبير فعّال تمّت الرّسالة بعون الملك الجليل في شهر رجب المرجّب من شهور سنة 1313.
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 296

رسالة تفسير آية الدخان‌

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال الشّيخ قوله عزّ و جلّ ثُمَّ اسْتَوي إِلَي السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ اشار بالدّخان الي مادّة السّماء فانّ الدّخان هو جوهر ظلمانيّ و المادّة منبع الظّلمة من حيث انّها منبع العدم فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً هذا اشارة الي ما تقرّر انّ مادّة الفلك مخالفة بماهيّتها لمادّة العناصر فقبولها لصورة الفلك يكون طوعا فانّ الهيولي مشتاقة الي الصورة و اذا لم يكن فيها قبول لسائر الصّور بل قبولها متوجّهة نحو صورة واحدة و لم يكن في تلك المادّة في وقت من الاوقات صورة اخري فيكون الصّورة السّابقة عائقة عن الصّورة الحاصلة، كان قبول المادّة الفلكيّة لتلك الصّورة طوعا فامّا مادّة العناصر فهي مشتركة بينها و قد ثبت انّ الصّورة الجسمانيّة غير ازليّة الوجود بل هي كائنة فاسدة فيكون كلّ صورة لا بدّ و ان يكون بعد فساد صورة اخري سابقة و يكون المادّة ما دامت الصّورة السّابقة فانّ صيرورتها قابلة للصّورة الّتي تتكوّن
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 297
بالقهر و الكراهة مثلا الماء اذا سخّن فتلك السّخونة الحاصلة فيه يكون علي كراهيّة من الماء و هو الوقت الّذي يصير المادّة مأمورة لقبول الصّورة الهوائية مثلا فيكون المادّة الفلكيّة مأمورة لقبول الصّورة و المادّة مطيعة من نفسها في هذا الامر اذ ليس هناك معاوقة اصلا و امّا مادّة العناصر فانّها متي صارت مأمورة لقبول صورة اخري فانّها لا يكون مطيعة بل يكون قبولها استعدادها لانقياد الامر الالهي علي كراهية منها اي من الصّورة السّابقة يكون معاوقة عن حصول الصّورة الكائنة و لمّا قدّم ذكر السّماء علي الارض لانّه قال ثمّ قال لها و للارض لا جرم عقّب ذلك ذكر الطّوع علي ذكر الكراهيّة ليكون الطّوع عائدا الي الفلك و الكراهيّة الي مادّة الارض قوله تعالي أَتَيْنا طائِعِينَ و هاهنا شكّ و هو ان يقال انتم قد اثبتم انّ اتيان الارض لا بدّ و ان يكون بالكراهية و ذلك يبطل قوله قالتا اتينا طائعين فنقول انّ مادّة الارض ما دامت مشغولة بالاستعداد
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 298
لقبول الامر كانت كارهة و انّ الماء ما دام ماء هو يمنعه فهو يستعد لان يصير هواء بسبب سخونة قهريّة تحدث فيه فانّه يكون فارقت السخونة قهريّة و يكون ذلك مكروهة مرغوبة عنه ثمّ اذا زالت الصّورة المائيّة و حدثت الهواء فبعد ذلك لا يكون في جوهر المادّة معاوقة عن تلك الصّورة اصلا فانّها خلقت في جوهرها قابلة لجميع الصّور فحينئذ يكون قبولها بعد حصولها بالطواعية لا بالكراهية فالكراهة في مادّة العناصر مما يتحقّق حالة الاستعداد و هي زمان الاثر ما بعد الحصول فانّه يكون ذلك القبول قبولا بالذّات و الطواعيّة، قوله تعالي فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَ أَوْحي فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها اشارة الي الكرات الكاملة للكواكب السّبعة و اليومين من اسماء المادّة و الصّورة وَ أَوْحي فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها اشارة الي العقول المفارقة الّتي هي محرّكاتها علي سبيل التّشويق و التعشق و اللّه اعلم بالصّواب و السّلام تمت بالخير.
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 321

رسالة أسئلة بهمنيار و اجوبتها (عند الكلام في النفس)

هذه أسئلة لبهمنيار تلميذ الشيخ سألها عن الشّيخ قدس سرّه و اجابه عنها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سؤال: قيل في كتاب الشّفاء عند الكلام في بقاء النّفس، محال ان يفيد الاعراض و الصّور القائمة بالموادّ وجود ذات قائمة بنفسها لا في مادّة و وجود جوهر مطلق قال ابو القاسم لم هو محال؟
قلت لانّ الصّور الجسمانيّة يفعل بتوسط المادّة و ذلك يتمّ بوضع، قال: انّه كما يجوز صدور الجسم عن العقل كذلك يجوز صدور العقل عن الجسم فليس يجب ان يكون المعلول من جنس العلّة الجواب امّا انّه لم محال فلما بيّن في العلم الاعلي و هو موضوع في علم الطّبيعة و انّما هو محال لانّ الوجود معني يقع علي الأشياء بتقدّم و تأخّر و بعض المعاني وجوده في الدّرجة المتاخّرة و كلّما هو علّة بالذّات فله حظّه من الوجود امّا مسا و لحظّ المستفيد منه ان امكن ذلك و امّا اسبق منه و اكد، فما ليس له من الوجود حظّ القوام بنفسه لا لانّ المعلول يجب ان لا يكون اكد وجودا من العلّة و الّذي قلتم انتم في جوابه حسن أيضا و ليس معني ما قلتم ما ذهبتم انتم و هو إليه بل اذا كانت الصور قائمة بالمادّة كان مصدرا لافعال عنها قوامها و نحو وجودها و كانت المادّة تخصّص افعالها بان يكون فيها لها توسّط و الّا لكانت القوّة يصدر فعلها عن ذاتها من غير مشاركة المادّة و كان فعلها اتمّ في الوجود من ذاتها فيجب ان يكون افعال القوي المادّية مخصّصة بما لها من كونها مادّية فيكون فعلها فيها لمادّتها إليها و لذلك نسبته مساو لا يفعل فيما ليس لمادتها إليها نسبته لا يفعل في البعيد جدّا و في المستور و في الّذي ليس في وضع ما خاص. سؤال: قيل في بيان انّ الجسم المتناهي قوّته متناهية انّه متي حرّك جزء من هذه القوّة جزء من الجسم الّذي يحرّكه الكلّ زمانا لا نهاية له فامّا ان يقوي الكلّ علي نحو ذلك الجزء زمانا لا نهاية له و امّا ان لا يقوي و محال ان لا يقوي فاذن يقوي الجزء علي ما يقوي عليه الكلّ و هذا محال فيجب ان يكون الزّمان
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 322
الّذي يحرّكه الكلّ اذا ابتدءا من ان واحد و اذا انقضينا هذا الزّمان من زمان الكلّ و قدرنا ذلك الزّمان فالزّمان الاخر صار هذا الزّمان من زمان الكلّ و قدرنا ذلك الزّمان فالزّمان الاخر صار هذا الزّمان الثّاني اقلّ من الاوّل فيجب ان يكون الزّمان متناهيا و هذا فيه مغالطة و ذلك لانّ الزّمان الغير المتناهي لا وجود له حتّي يمكن ان يفرض فيه هذا الفرض فانّ سبيل الزمان و سبيل الاعداد الّتي لم يوجد واحدة و يمكن فيه ان يكون الغير المتناهي الّذي لم ينقص منه هذا الزّمان اعظم من الزمان الغير المتناهي الّذي ننفي بعد ان ينقص منه ذلك جواب ليس الكلام في انّه موجود أو غير موجود بل معلوم انّه في قوّته، يستحقّ ان ينقص من الّذي في قوّته الّذي يجوز وجوده عن تاثير قوّة الكلّ من الطّرف الثّاني فهو بالقوة، و في الامكان الّذي له ناقص عن شي‌ء
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 323
اخر في طرف قوّة الاخر و امكانه ان اريد عليه و ما كان كذلك فهو متناه في الامكان و فرضناه غير متناه في حال الامكان لا في حال الفعل و هذا محال انّما يجوز ان يكون لا متناه في الامكان اكثر من الاخر اذا لم يكن احدهما محاذيا للآخر مساويا له او جزء منه و أمّا اذا ساواه و حاذاه في اتّصاله او في ترتيبه او كان جزء منه ثمّ انتهي طرف و فصل من احدهما طرف اخر وجب متناهي ما يساويه او جزء منه سؤال ان قال قائل بعض الامزجة اوفق لبعض القوي و انّ مزاج المشايخ اولي للقوّة العاقلة فلهذا يقوي هذه القوّة فيهم جواب مزاج المشايخ امّا برد يبس و امّا ضعيف و كلّ واحد منهما يوجد قبل الشيب و لا يوجد لصاحبه مزيد استعداد و أيضا فليس كلّ شيخ اقوي من الشّاب و ليس استعمال البيان مقصودا علي انّ الغالب في المشايخ حكم بل علي انّه لو كانت الصّورة العقليّة قوّة بدنيّة و قائمة في البدن لكان لا يضعف البدن الّا و يضعف و قد نجد واحدا ليس كذلك فالمقدّم مسلوب علي انّ ضعف البنية ليس يكون ملائما لما يقوم بالبنية انّما بلّا ثمّ لعلة فلا يقوم بالبدن سؤال ان الادراك حصول الصورة في المدرك و لا يمكن ان اتصور ذلك ادراكا اوّليا لئلّا دنا فبقي ان أبيّنه ببعض البيانات المنبّهة فانّ الاوّليات قد ينبّه المغفل عنها لبعض المنبّهات جواب كلّما يتمثّل في معني حقيقته فليست ادراكه ذلك للمثل امّا في نفس الوجود او في انا و لو كان في نفس الوجود لكان كلّ موجود قد تمثّله و كلّ معدوم فلا ادركه و لا الصّورة و الثّالثان محالان فبقي انّه يمثّل المعني فيّ و يتمثّل حقيقته فيّ سؤال ذكر انّ المعلول لا يجوز ان يكون علّة و الوجود و ان كان معلولا فيجب ان يكون موجودا لا من وجود و هو محال و اجيب بان نوعا من الموجود يكون معلولا و لما فهم هذه العلّة.
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 324
جواب ليس الوجود معلولا من حيث وجوده لما هو ممكن الوجود، له ماهيّة اخري ليس يدخل فيها الوجود سؤال امكان الوجود ان كان واجبا لذاته فواجب الوجود اثنان هذا خلف و ان كان غير واجب فله علّة و له في نفسه امكان وجود اخر الي غير النّهاية و هذا خلف.
جواب عن هذا كالجواب عن معني الاضافة ثمّ انّ معني ممكن الوجود ليس هو وجود حتّي يحتاج الي علّة بل هو ماهيّة كالانسانيّة. سؤال ما الّذي دعا المتقدّمين من الفلاسفة و المعتزلة الي ان قالوا انّه لا يجوز ان يتعقل واجب الوجود بذاته غير ذاته و ابوا ان يكون موضوعا لصور الموجودات او لوازمه جواب لا اعرف للمعتزلة في هذا قولا و للمتقدّمين بل هذا شي‌ء حدث الآن عن قريب.
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 325
سؤال لا بدّ للقوّة العقليّة من استعمال الفكر عند التّعلم و التّذكر بل عند ما يعقل فما عقلت فكيف يكون لها بعد المفارقة و بطلان هذه القوّة.
جواب لا بدّ من استعمال القوّة المفكّرة الطالب للحدّ الاوسط و ذلك لانّ التعلّم علي نحوين احدهما علي سبيل الحدس و هو ان يخطر الحدّ الاوسط بالبال من غير طلب فينال له و النّتيجة معا و الثّاني يكون تخليه و طلب و الحسّ هو فيض إلهيّ و اتّصال عقليّ يكون بلا كسب البتّة و قد يبلغ من النّاس مبلغا يكاد يستغني عن الفكر في اكثر ما يعمل و يكون له قوّة النّفس القدسيّة اذا شرفت النّفس و اكتسب القوّة الفاضلة و فارقت البدن كان ينال ما ينالها هناك عند زوال الشّواغل اسرع من نيل الحدس فتمثّلت له العالم العقلي علي ترتيب حدود القضايا و المعقول الذّاتي دون الزّمان و يكون ذلك دفعة و امّا الحاجة الي الفكر لكدر النّفس او قلّة تمرّنها و عجزها عن نيل الفيض و الشّواغل و لو لا ذلك لاشتغلت النّفس جلايا من كلّ شي‌ء الي اثر الحقّ. سؤال ما السّبب في انّ بعض قوي النّفس مدركة و بعضها غير مدركة مع انّ الجميع قوي لذات واحدة.
جواب انّي لست احصل هذا سؤال لو انعم بشي‌ء ثابت في سائر الحيوانات و النّباتات كانت المنّة اعظم جواب لو قدرت علي ذلك.
و مما سئل عنه ره انّه هل يشعر الحيوانات الاخر سوي الانسان بذواتها و ما البرهان عليه ان كان كذلك جواب يحتاج ان تفكّر في ذلك و لعلّها لا تشعر الّا بما تحسّ او تتخيّل و لا تشعر بذواتها او لعلّها تشعر بذواتها بالآلات او لعلّ هناك شعورا ما يشترك بين الاظلال يجب ان نفكّر في هذا. سؤال ان جاز ان تدرك قوّة جسمانيّة انّ هذا الذئب مهروب عنه و انّ هذا الشّي‌ء مخوف منه فجاز ان تدرك المعاني المعقولة لانّ هذه أيضا معاني لا يجوز ان تحلّ جسما اذ لا مقدار لها و الّذي يمنع مدرك المعقولات بآلة جسمانيّة هو انّها ليست ذوات
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 326
مقدار و صورة الخوف و الاخذ كلّها لا مقدار لها جواب انّ من يقول هذا الخوف و الهرب كلها معان جسمانية يحتاج الي ضرب من التجريد حتّي تصير عقليّة. سؤال ما قيل انّ الصّور الكلّية اذا حصلت لشي‌ء صار ذلك الشّي‌ء بها عقلا امر مجيب فانّ الشّي‌ء انّما يصير عقلا بان يتجرّد غاية التجرد و كيف يدخل علي شي‌ء غير مجرّد ما يجرده فانّ قوله يصير به الشّي‌ء عقلا معناه يصير به الشّي‌ء مجرّدا. جواب انّ معني صار ليس انّه صار حينئذ بل معناه انّه دلّ علي كونه كذلك و هذه كلمة تستعمل مجازا. تمّت بعون اللّه و حسن توفيقه في شهر شعبان المعظّم من شهور سنه 1313.
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 327

رسالة معرفة الأشياء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال الرّئيس القدّيس قدّس سرّه النّفيس المعرفة بالاشياء علي وجهين تصديق و هو اعتقاد ما يصدّق او يكذّب به علي وجه التّصديق اعني اعتقاد النّفس اثبات حكم او نفيه و تصوّر و هو حصول معني الشّي‌ء في النّفس و كلّ مصدّق به متصوّر فانّه ما لم يحصل معناه في النّفس لم يكن اعتقاده مثبتا او منفيّا و ليس كلّ متصوّر مصدّق به لانّ المكذّب به متصوّر أيضا و الشّي‌ء الّذي لا يكذّب به و لا يصدّق متصوّر و كلا قسمي المعرفة قد يكون حاصلا بفكرة و نظر و يسمّي معرفة ثانية و قد يكون حاصلا لا بفكرة و نظر و يسمّي معرفة اولي، مثال الثّانية تصديقا بانّ العالم له موجود و تصورنا معني قولنا النّفس و مثال الاولي تصديق بانّ الكلّ اعظم من الجزء و تصور معني الوجود. المعروف بالمعرفة الثّانية يكون أوّلا مجهولا لنا ثمّ تكتسب معرفته و انّما تكسب معرفته بان يكونا عندنا معلومات متقدّمة معلومة بذاتها و ان يسلك من هذا المتقدّم الي المتأخّر سلوكا موصلا إليه و علم المنطق هو العلم الّذي يفيدنا و يعرفنا كيف ينبغي ان يكون المعلومات الاولي حتّي يتوصّل بها الي المجهولات و كيف يفيدنا و يعرفنا و كيف السّلوك من المعلومات الاولي الي الثّانية و يعرفنا في كلا القسمين انّه الحقيق و انّه المشبّه لنبدأ ببيان مبادي التّصديق ثمّ بمبادي التّصور فنختم عند ذلك نكتة المنطق.
القوي الحاكمة في الانسان اربع الحسيّات و المتوهّمة و القوّة التعارفية و تسمّي العقل المدني و القوّة النّظرية و تسمّي العقل الهيولاني و القوّة الحسّاسة حكمها صحيح لا محالة ما لم يعرض عوارض منقوله و حكمها علي الحاضرات لا غير فالمحسوسات احدي المعلومات الاوّلية الحقيقيّة و امّا القوّة المتوهّمة فمن شانها ان يحكم في كلّ شي‌ء و لكن لا يحكم البتّة الّا علي ما يجعل الشّي‌ء به داخلا في المحسوسات لا غير
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 328
فلذلك لا يصدق بما لا يمكن ان يشار إليه اين هو و بالجملة لا يمكنها ان يعرف ذاتها او يتصوّرها الّا بان يغيّر وجوها الي صورة محسوسة و لمّا كان الامر علي هذا فانّ الامور الّتي هي اعمّ من المحسوسات او ليست محسوسة بوجه من الوجوه فانّ احكام القوّة المتوهّمة فيها كاذبة لا محالة اذ لا يصدّق به و يتصوّرها الّا علي نحو محسوس فانّ (فاذن خ) المعرفة الاوّلية لمتفتّتة في النّفس بديهة الوهم في امورهم بالفعل وجودها و ليس من المحسوسات فينبغي ان لا يعود فيها علي البديهة و لكن علي القياس و امّا الاحكام الوهميّة البديهيّة في المحسوسات فصحيحة لانّ الوهم آلة العقل الي المحسوسات و لهذا لمّا كان الوهم لا يصدّق بجسم واحد في المكان و لا يتوهّم تبعه العقل فيه فبان اذن انّ بديهة الوهم مزيّفة و انّها مقبولة
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 329
و امّا القوّة التّعارفيّة فانّ احكامها الامور المشهورة المحمودة و الّتي قاديت به و لم يزل يسمعه منذ خلقت و لو توهّم الانسان نفسه انّه خلق أوّل الامر عاقلا فهما و لم يعاشر و لم يحاور و شكّل نفسه و طلب فيها كان له ذلك مثال ذلك العدل حسن و الظّلم قبيح و الكذب فاحش و ما اشبه ذلك و هذه الاحكام التّعارفيّة يبلغ من الانسان مبلغا يمنعه عن التّشكل فيها و يقوم فيها مقام العقائد الضّروريّة فان لم يكن كذلك بل كان بعضها كذبا و بعضها صدقا يحتاج الي حجّة برهانيّة ليقع به التّصديق اليقينيّ و احكام هذه البديهة تسمّي الرّابعات و المشهورات و امّا العقل النّظري فاحكامه هي الحجج الاوّلية و هي الّتي لا يمكن ان يشكّ فيها بوجه من الوجوه لانّه لا يقع فيها من حيث الوهم في غير المحسوسات فانّ ذلك لا تعتري النّفس فيها شكّ البتّة و ان كانت كاذبة علي ما قلنا و بديهة العقل النّظري هي البديهيّة الحقيقيّة مثل قولنا الموجود امّا ان يكون قديما او محدثا و قولنا الكلّ اعظم من الجزء و قولنا كلّما لم يكن فكان له سبب و ما شانه ذلك نور انضجت، اذن اقسام، الي ما يحكم فيها بالبديهة و انّها حقيقيّة و انّها مزيّفة فليسمّ ما لم تر لفظ و لا ذات ما بالحقيقة و لكنّ الاصل فيها ارتفاع الشّك فيها الّا علي سبيل الوهم مع دفع العادات و المعاشرات و حسان الانسان نفسه انّه يخلص الي العالم ساعة في ظنّ ذلك الحكم يناله و يعرض التّشكك فيه فلم يبنها و السّلام.
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 345

رسالة الطّلسمات و النيرنجات‌

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال الشّيخ الرّئيس سالتني قصّة أبسال و سلامان للكتومة علي الجمهور ثمّ اعقبتها ببحث السّحر و الطّلسمات و النّيرنجات و الاعاجيب الّتي قلّما ترشح الطبيعة بها و اشير الآن الي حقيقة كلّ واحد منها ثمّ اجعلها توطئة للامر المستور و اضمن الرّسالة فصلين الأول في الصّور الّتي اختصّ بمشاهدتها النّبي و الوليّ صلوات اللّه عليهما و الكهنة المرددون و نضع فيه خمس مقدمات الاولي انّ للانسان حواس باطنة يشترك فيها اكثر الحيوانات اوّلها الحس المشترك و هو قوّة مركبها في مؤخّر الحيواني الّذي في مقدم الدماغ شانها قبول جميع الصّور المنطبعة في الحواسّ الظّاهرة و يتأدّي إليها اثرها و عليه امران احدهما الحكم بانّ هذا الطعم الجزئي لغير هذا اللّون بل لذلك اللّون فلو لم يكن لنا مجمع لما امكن الحكم. الثّاني الحكم بانّ القطر خطّا مستقيما و النقطة المدورة خطّا مستديرا علي سبيل المشاهدة لا التّخيل قلنا اذا قوّة ترسّم فيها القطر و النقطة
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 346
من مبدئها الي منتهاها و بقيت فيها صورتهما الثّانية المصوّرة و الخيال و شانها حفظ ما قبله و الصّورة الّتي يدركها الظّاهرة أوّلا ثمّ يؤدّيها الي الباطنة اذا الحسّ المشترك غاب عن مرائي البصر لانّ الحفظ غير القبول مثاله الماء و مركبها الرّوح الّذي في نهاية التّجويف المقدّم الثّالثة الوهميّة و مركبها الرّوح الّذي في التّجويف الاوسط شانها ادراك المعاني الجزئيّة الغير المحسوسة الموجودة فيها مثل ادراك الشّاة لمعني الذّئب او من يعلفها الرابعة الحافظة و الذّاكرة و مركبها الرّوح الّتي في التّجويف المؤخّر شانها حفظ ما ادركتها الثّالثة و هي خزانة المعاني كما انّ الخيال خزانة الصّورة الخامسة المفكّرة و المتخيّلة باعتبارين باستعمالها النّاطقة الّتي في الانسان و استعمالها الوهم الموجود في اكثر الحيوانات و هي واسطتها و مركبها الرّوح الّتي في الاوسط و شانها تركيب الصّور المارّ عن الحسّ المشترك المخزونة في الخيال و تفصيلها و تركيب المعاني في الصّور و تفصيلها عنها فيتخيّل انسانا ذا جناحين و بلا يد و الملائمة بين الشّاة و الذّئب مكان المنافرة فخيّلها حكاية كلّ ما يليها من المدركات و الامزجة بما يناسبها و منتزعة العقل من الشّي‌ء الي نظيره او ضدّه بما يناسبه بوجه فهذه هي المقدمة الاولي المقدّمة الثّانية انّ للانسان تمييزا بادراك الماهية المجرّدة بذاتها عن المادّة و تجريد المادّيات عن الغواشي و يكون بقوّة هي احدي سعتي النّفس النّاطقة و هي النّظرية المقدّمة الثّالثة انّ نفوسنا بالفطرة ليست عاقلة بالفعل بل بسبب يخرجها فانّها اذا طابقت الصّور الجزئيّة الّتي في الخيال و اكتسب استعدادا تامّا بحصول صورة خاصّة بذلك للاستعداد اشرق عليها نور العقل الفعّال و هو اللّوح المحفوظ فحصلت مجرّدة و شروقه فيضان تلك الصّورة منه فيها كما ارتسمت
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 347
فيه لانّ الجزئيّات منتقشة فيه علي نحو كلّي و تفيض منه فيها ما يستعدّ له بحسب حصول المعدّات الّتي هي الجزئيّات المخصوصة المتمثّلة في الخيال و لو توالي حصول الاستعداد لتوالي فيضانه فانتقشت بنفس ذلك العالم كلّه اذ ليس شي‌ء من الكمال متحولا من المبادي الأول و انّما يعوق خلوّ القبول عن الاستعدادات الخاصّة المقدّمة الرّابعة هذه القوي معاون النّفس يستعين بها في اوطارها و لكنّها أيضا معطّلة لها عن اخواتها و افعالها الذّاتيّة اذا استقلّت تلك القوي بافعلها (بافعلة لها) لانّ الحسّ الظّاهر اذا فعل فعلة استتبع الباطن ففقد الفعل إليه و يعطل عليه الفكر المحتاج الي المفكّرة و الحديث النّفس الي الظّاهر و اقبلت بكليتها عليها لانّ شانها الاشتغال بالفعل الا قوي من افعال قوي البدن قبلت افعالها الاستعداديّة الخاصّة الّتي لا يحتاج فيها الي قوّة و كذا اذا فعل الباطن و كذا الظّاهر و هكذا القوي فانّ الشّهوة شاغلة لها عن الغضب و بالعكس ثمّ اذا قويت النّفس سلّطت عليها و اذا استقامت الي افعالها الذّاتية رعنت القوي تحت تصرفها بحسب مصالحها المتاخّرة و لا تعاوق و اعانه بعضها لها بالسّكون و بعضها بالتّردد و الانطباع بالنّفوس الجزئيّة المادّية محاذيا للنّفوس الكلّية البريّة الفائضة من العالم العقليّ و محاكيا لها بوجه ظهر اذعانها لها المقدّمة الخامسة انّ الحسّ المشترك الّذي هو مرات الصّور المحسوسة و لوح النّفوس الجزئيّة و لا يتمّ الادراك الحسّي دون انطباع الصّور فيه لكن كما ينطبع فيه من الظّاهر ينطبع فيه من الباطن و يكون مشاهدا بحسب الحسيّات الخارجة و الدّاخلة كالمرآة يختلف انطباعها بالصّور لاختلاف جهات الصّور و المتخيّلة شانها اختراع الصّور بالتّركيب و التّفصيل فاذا انطبعت تلك في الحسّ المشترك رؤيت
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 348
مشاهدة و المدرك هو نفس ما انطبع فيه فهذه هي المقدمات الخمس و الغرض منها انّ الصّور الّتي تراها الأنبياء و الاولياء صلوات اللّه عليهم و المزورون و الكهنة و النّوم لا نسبته لها الي خارج فانّ المحسوسة لا يختصّ يدركها شخص دون شخص فاذن وردها علي الحسّ المشترك من المتخيّلة الدّائمة الحركة في المحاكيات اعني الانتقال من شي‌ء الي ما هو قريب منه بوجه و لو خلّيت المتخيّلة و طباعها لما قرت عن طبع المشترك بمثل هذه الصّور الّا عند كلال الرّوح الحاملة لها و لكن يصرفها امران الحسيّات الخارجة المنتقشة فيه الّذي لا يسع لوهم المتخيّلة و الثاني تسلّط العقل و الوهم عليها بالضبط
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 349
و الحفظ الشّاغلان لها عن الاضطراب و الحركة فتسكين لهما ساكنة عن التّصرف في الحسّ المشترك فاذا انتفي الشّاغلان ظهر سلطانهما يعني العقل و الحسّ امّا في النّوم فقد فتر احد الشّاغلين و هو الحسّ الظّاهر و يتعطّل الحسّ المشترك عمّا يتأدّي إليه منه فيثقل المتخيّلة عليه بالاستيلاء و ينتقش فيه ما يحول فيها من الصّور المتخيّلة فتنقلب مرتبة مشاهدة و امّا في المرض فقد ضعف للآخر و بطل ضبطها لانّ النّفس اقبلت علي المهمّ الّذي حدث و اشتغلت به عن تثقيفها و ضبطها علي سنن الانقياد فتقوي سلطان المتخيّلة و كذا في حالة الخوف من الصّور الهائلة فانّ الخوف يصدّ النّفس عن ضبطها فاشتدت ترسيم صور هائلة في المشترك كصورة الغول و قد يستولي علي النّفوس الضّعيفة الفعل قوي اخر كشهوة شي‌ء فيشتدّ حتّي تغلب النّفس و تصرفها عن الضبط فتري تلك الصور (إلا صور) المشتهاة مشاهدة لكن تلك الصّور يكون كاذبة اذ من اختراعاتها المنكرة و قد يكون صادقة اذ كانت النّفس قويّة فلا يتأثّر بالحوادث البدنيّة و لا يشغلها ضبط البدن عن افعالها الّتي لذاتها بل يكون مع الامرين جميعا ربّما التفت الي العالم العقليّ فادركت من الغيب ما يتمّمها او يتمّ استعدادها لقبوله قبول اثره الي التخيّل فكسته المتخيّلة صورة ماديّة مناسبة له لانّها من معاونها مذعنة لها في افعالها و قد استجذبه (استخدم في) منها النّفس في مهمّاتها و بعد ما اكتسبت تلك الصّور لباس المادّة الّتي انطبعت في المشترك فرؤيت مشاهدة كما ذكرنا في حال النّوم و المرضي و قد يكون لها أيضا في حال صحّتها و يقظتها بسبب كمال قوّتها و قوّة المتخيّلة قوّتها بان يسعي للمتجاذبة فلا يلقها الي القدس انضيائها الي الحواسّ و تدبير البدن و قوّة المتخيّلة بان لا يمنعها الحواس عن استخلاص الحسّ المشترك و لا يبرئه عنها تبرءوا بالكليّة فيلتفت في يقظتها الي العقل الفعّال و اتّصلت بجوهر الملائكة و يشهر الغرض في المغيبات فيفيض الاثر
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 350
منها الي التّخيل فينطبع في المشترك فليستمع تارة كلاما منظوما من هاتف او يشاهد ينظر إليها يخاطبه فيما يغلبه من امره الّا انّ الاثر الفائض المرتسم بقلبه ارتساما قويّا لا يخالف ما في النّفس الّا بالكلّية و الجزئيّة و ربّما حكاه الخيال بغيره فانتقل الي شبهه او ضدّه او قربت منه كما يحكي السّلطان بالشّمس و العالم بالبحر و قد علم انّ سجيّتها الحكاية و الانتقال و تصرّفها عنها بمثل الصورة الواردة من خارج و الثّاني (هذا الثاني لا اوّل لها فتدبّر) الضبط من جهة النّفس فاذا عدم المانع طفقت في انتقالاتها الّتي بالطّبع فيما يلقي من الملكوت و النّفس بعينها بتحصيلها و نفي في الذّكر منها كلام مضبوط في حالتي النّوم و اليقظة و خيالا يفتقر الي تاويل او حلما يستغني عن التّعبير و ربّما اضمحلّ و نفي اثر محاكياته فاحتاج الي التّعبير ان كان حلما او الي التّأويل ان كان وحيا تمّت سنه 1313 هكذا كانت النّسخة الّتي استنسخناها و صحّحناها بقدر الوسع فتدبّر.
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 372

[رسالة المعاد (الصور الموجودة في النفس)]

اجوبة أسئلة من الشّيخ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ربّ وفقني لادراك المطالب العالية هذه اربع مسائل من تصانيف الشّيخ الرئيس ابو علي بن سينا في امر المعاد السؤال الاوّل انّا من ايّ موضع جئنا الي هذا العالم الجواب انّا من ذلك العالم جئنا الي هذا العالم و حدّ هذا العالم من فوق فلك الزّهرة لبروج تحت فلك المستقيم الي هذه الارض و حدّ هذا العالم من فوق فلك المستقيم الي تحت مرتبة العلم الّذي هو العقل و مجيئنا من ذلك العالم انّما هو من جهة اللّه تعالي الّتي حظيرة القدس الّتي لها قدس المقدّسون و تلك فوق ذلك العالم العلميّة و العقليّة فامّا هذا العالم فهو دار عمل و امّا ذاك العالم دار جنّات و الجنّة هي دار المحسنين بيان انّا جئنا من الجنّة الي ذلك العالم و من ذلك العالم جئنا الي هذا العالم و من ذلك نذهب الي البرزخ و من البرزخ نرجع الي ذلك العالم الّذي هو موضع الحساب و من موضع الحساب يرجع من حسن عمله الي جنّة اللّه و يبقي من سيّئات عمله بحسب الطّبع و الطّبيعة في جهنّم ابدا ما دامت السّماوات و الارض الّا ما شاء اللّه انّ ربّك فعّال لما يريد و احتاجوا الي العمل لغير إرادة منهم لتصلوا الي الصّور الموافقة لارواحهم الي الجنّة و هم ينالون من تلك الصّور الّتي هي الطعام و الشّراب لذّة يجدون الي (في) الدّنيا بحسب الطّبع و الطّبيعة و لذلك يكونون في قيد الطّبيعة يدخلون كارهين من غير إرادة تحت قيد العقل الّذي يدور العمل العقليّ الّذي جاء به الرّسل عليهم السّلام ممّا يشهد به شرائعهم حتّي نفس النّفس و يطمئنّ بتلك العمليّة و العقليّة و يجد بها قربا لانّ اصلها أيضا هو من الجنّة و بتلك الاستفادة يضئ لها طريق الصّراط وقت ذهابها الي معادها
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 373
و نخف حسابها و ثقل موازينها فقد بين الآن بتقدير الابتداء فوق العقل و الطّبع و مقيّدون بالعقل و خلاصهم يكون حتّي يطلقون من قيد العقل و ليس يطلقون الّا يخرجون من سجن الطّبع و الطّبيعة و هذه معان مختلفة ينتجها للمستعين السؤال الثّاني انّا لايّ شي‌ء جئنا الجواب انّا جئنا الي هذا العالم لم يكن باختيارنا و ارادتنا لكن جئنا و بالقهر نمكث و بالقهر نخرج و انّما جي‌ء بها للمحيض و التّطهير ليمحض اللّه الّذين آمنوا و يمحق الكافرين و طهارة النّفس انّما يكون بالعمل الشرعيّ و العلم الالهي بهذين يتمّ الطّهارة و التّوجّه الي المعاد و كما انّ طهارة الجسد من النّجاسة انّما يكون بالماء او بالتّراب عند عدم الماء كذلك طهارة النّفس بالعلم الّذي هو بمنزلة العمل فقد تبيّن انّ كلّ من اتي بعمل شرعيّ حتّي يصل الي العلم الالهيّ فيعلم حقيقته و تعيّنه فانّه يخلص عند مفارقة هذه الدّنيا الّتي هي سجن المؤمن فاعرفه السّؤال الثّالث انّا حين نخرج من هذا العالم الي اين مرجعنا الجواب انّ كلّ الانسان يخرج من هذا العالم يتلقّاه ملائكة الرّحمة او ملائكة العذاب فيحملونه الي البرزخ و البرزخ هو قبر النّفس فان كانت هي مؤمنة فتح اللّه لها بابا من الجنّة و ان كانت كافرة فتح اللّه بابا من النّار الي ذلك القبر الّذي هي فيه و حدّ سفل البرزخ علو هذا العالم و حدّ سفل ذلك العالم علو البرزخ و قوّة شرائع جميع الأنبياء عليهم السّلام هو ان يحمل الانسان من دار العمل فتوصله الي البرزخ و بالقوّة السّابعة يكون حركته في البرزخ و بالقوّة الثّامنة يفارق البرزخ و بالقوّة التّاسعة يحاسب و بالقوّة العاشرة يصل الي معاده اي الي جهة اللّه تعالي الّتي خلق آدم و اولاده و هذا كلام متعلّق تحت معان كثيرة في شرحها علي الحقيقة
رسائل أخري لابن سينا (هامش شرح الهداية الاثيرية)، ص: 374
يكون النّجاة و في تحريفها يكون الهلاك نعوذ بالله من سخطه السّؤال الرّابع انّا ما يكون حالنا بعد مفارقتنا الدّنيا عند حصولها في البرزخ الجواب انّا نكون في البرزخ ايقاظا و اخذنا اللّذات الروحانيّة و الصّور الّتي يصحبنا من هذا العالم من العلم و العمل في الخير و الشرّ تصير فينا محكمة ذاتيّة متفرّعة متميّزة و بالجملة انّما يكون في البرزخ كالنّطفة في الرّحم و البذر في الارض ينبت و يثمر علي ما في اصلها الّتي جاءت به من ظهر ابيها حتّي اذا اتّصلت بها القوّة السّابعة صار حالها الي لون اخر و كما يكون المؤمن مستيقظا بوجود اللّذات و معانيها كذلك يجد الكافر عذابا بمعانيه الصّور المستنكرة المكروهة علي ما توافق علمه عمله و هي هذا العالم و اللّه اعلم اللّهمّ اجعلني يوم الحساب و جميع المؤمنين من النّاجين يا ربّ بحرمة رسول الثقلين.
و السّلام.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.